الجمعة, 03 ماي/آيار 2024
الرئيسية
سيرة ذاتية
الاعمال الشعرية الكاملة
قصص قصيره
ديوانُ الأنهار الثلاثة
جِـــــــرارٌ بِلونِ الذهب
الحياة في خريطةٍ
عَيشة بِنْت الباشا
قصائـدُ هَـيْـرْفِـيــلْـد التلّ
طـيَـرانُ الـحِـدْأَةِ
الخطوة السابعة
الشــيوعــيّ الأخير فقط ...
أنا بَرلــيـنيّ ؟ : بــانورامـــا
الديوانُ الإيطاليّ
في البراري حيثُ البرق
قصائد مختارة
ديــوانُ صلاة الوثني
ديــوانُ الخطوة الخامسة
ديــوانُ شرفة المنزل الفقير
ديــوانُ حفيد امرىء القيس
ديــوانُ الشــيوعــيّ الأخير
ديــوانُ أغنيةُ صيّــادِ السّمَك
ديوان قصــائدُ نـيـويـورك
قصائد الحديقة العامة
صــورة أنــدريــا
ديــوانُ طَــنْــجـــة
ديوان غرفة شيراز
ديوانُ السُّونَيت
أوراقي في الـمَـهَـبّ
ديوان البنْد
ديوان خريف مكتمل
مقالات في الادب والفن
مقالات في السياسة
أراء ومتابعات
البحث الموسع
English
French
Spain
المتواجدون الان
يوجد حالياً 877 زائر على الخط
الـفِـلِـبـيــن طباعة البريد الإلكترونى

ستكون الفلبين قريبةً قربَ الخنجرِ والخاصرةِ. مَن أخبرَني وأنا في دمشق ، واقفٌ مع آلِ الجواهريّ العظيم أتلقّى التعازي برحيله ...
أقولُ : مَن أخبرَني ، في تلك الساعةِ بالضبطِ ، أن ولدي الوحيد ، حيدر، قد قضى نحبَه ، في الفلبين ؟
لا أدري كيف عرف نايف حواتمة بالأمر ...
قال لي ، وهو يشدّ على يدي: طريقُنا طويلٌ  !
طريقُنا طويلٌ حقاً ، ولسوف يأخذني هذا الطريقُ الطويلُ ، بعد أيّامٍ إلى مطار مانيلاّ. 
آنذاك ، كنتُ بعمّانَ ، في فترةٍ شديدةِ الظلامِ من حياتي .وكنتُ أحاولُ التخفيفَ من هول تلك الفترة ، بالتنقّل مكّوكيّاً بين عمّان وعاصمة الشــام العريقة .
ساعدتْني قنصليةُ الفلبين في عمّان بتعجيل منحي تأشيرة دخول ، مع أن اليوم كان عطلةً.
في مطار مانيلا ، سألوني إن كنتُ أعرف لغة أهل البلد . وحين أجبتُ بالنفي ، اكتفَوا بالسؤال الأول.
أرملة حيدر ، بَينِي ، التي سبقتْ لي رؤيتُها إمّا في نيقوسيا أو تونس العاصمة ، كانت في استقبالي مع فردِ أو اثنين من عائلتها.استقللنا سيارةً متألقةً من ذوات الدفع الرباعيّ ، لتأخذنا إلى قريةٍ بأعماق الفلبين ، حيث يثوي حيدر.
أرى هذه البلادَ للمرة الأولى
ولم تكن لديّ في السابق أيّ رغبةٍ في زيارتِها.
كما أنني لم أكن راضياً عن  ذهاب حيدر إلى هناك .
كان هاجسٌ عميقٌ يُلِحُّ عليّ في أني لن أرى حيدر ثانيةً.
 كنتُ شبه ذاهلٍ . أرى و لا أرى. الأشياءُ تتبدّى لي ســراباً أو كالسراب. ليس من شــيء حقيقيّ . والشوارع ؟ ليس في غالب الفلبين شــوارعُ . ثمّت مسالكُ كما في عراق الثلاثينيات. قنواتٌ ومَناقِعُ رزٍّ وجواميسُ والخيزران الجسيم. السيارة تَدْرُجُ لكني أراها تعوم.
نبْلغُ القريةَ الموعودةَ .
كأني أرى قوماً يحتفلون !
بل كانوا يحتفلون ، فعلاً ، ويلعبون الورقَ ، تحت الشجر.
تأخذني " بَيني " إلى حيدر. أرى ولدي ممدّداً، صبيحَ الوجه ، ينامُ عميقاً . التابوتُ ذو غطاءِ زجاجٍ. كأني رأيتُ بعوضةً دقيقةً على وجه حيدر . كيف أُبعِدُها ؟
تذكّرتُ ، بعد طول نسيانٍ ، سورةَ الفاتحة . تلوتُها ســرّاً كأني أزمزمُ في بيتِ نارٍ .
قلتُ للقوم: توقّفت مراسيمُ الدفن.
لن يدفَنَ ، كاثوليكيّاً ، في مقبرة البلدةِ .
سآخذه معي إلى دمشق.
 حيدر ، يثوي الآن ، قرب هادي العلوي ، والجواهري ، في مقبرة الغرباء ، بالسيدة زينب  .

  في الصورة :
حيدر سعدي يوسف   1964-1995
يتوسّط شيراز من اليمين ، ومريم من اليسار.
الصورة التُقِطتْ في العام 1990 بتونس العاصمة

Image
 


لقد لامَني عندَ القبورِ على البُكا     رفيقي ، لتَذرافِ الدموعِ السوافِكِ
وقالَ : أتبكي كلَّ قبرٍ رأيتَـهُ          لقبرٍ ثوى بينَ اللِّوى فالدكادكِ ؟
فقلتُ لهُ : إنّ الشَّجا يبعثُ الشجا   فدعْني ، فهذا ، كلُّهُ قبرُ مالِـكِ

                               ***


حمامتانِ حـطّـتــا ، في صيفِ برلين
على مبنىً بلا نوافذَ.
الحمامتانِ َ
كانتا بين الهوائيّاتِ والأطباقِ والسطحِ الـمُـصَـفّى
تبحثانِ
عن بذورٍ
عن بقايا خُبزةٍ
عن قطرةٍ ...
أسمعُ ، في الهدأةِ ، منقارَينِ :
تِك ْ
تِكْ
أهِـــيَ الساعـةُ ؟
هل دقّتْ على المبنى الذي بلا نوافذَ ، الســاعةْ ؟

برلين 15.06.2010

اخر تحديث الخميس, 23 دجنبر/كانون أول 2010 21:39
 
damabada_N.jpg
فيلم " الأخضر بن يوسف "
لمشاهدة فيلم الأخضر بن يوسف اضغط هنا
المواضيع الاكثر قراءه
البحث