سعدي يوسف

هل أكونُ، المسيحيَّ، وحدي

فى حارةِ الوثنيّين ؟

منذ اثنتى عشرةَ امرأةً كنتُ عاشرتُهُنّ

لم يقُلْ لى : سلاماً ..

أحدْ !

في الصباح المبكِّر هذا ، رأيتُ البُحَيرةَ ...

منذُ أسابيعَ يَسّاقَطُ الورقُ الهشُّ ،

واليومَ  ، في غفلتي ، اكتملَ المشْهدُ :

الدَّوْحُ عارٍ

ورفرفةٌ من طيورٍ

Rue de la Verrerie

كنتُ أسكنُ في غرفةٍ وهبتنْيَ مفتاحَها امرأةٌ

مِن نَبيلاتِ باريسَ ...

كم كنتُ أحلمُ ، لو مرّةً سمحتْ لي بتمتمةٍ :

" أنا أشكركِ ... "

Rue du Temple

ليس بعيداً عن كُبرى الساحات بباريسَ

( وأعني الجمهوريّةَ )

أعني :

Place de la Republique

هذا الشارعُ صارَ مَطافي إذْ ضاقتْ بي سُبُلي

وتمَنّعَت الدنيا ...

سعدي يوسف

تمرُّ على المرءِ آلافُ الآلافِ من الأحداثِ، فى هذه الحياة الملتزّةِ المرهِقة فى كثيرِها، الطليقةِ الـمُـسعِدةِ فى قليلِها.

ومن طبيعة خَلْقِ ابنِ آدمَ أنّ قابليّة ذهنِه على الخزينِ محدودةٌ، ومحدّدة بحجمٍ معيّنٍ، لذا يتناسى الواحدُ منّا الكثيرَ من الوقائعِ، ثم ينسى ما تناساه، تماماً.

سعدي يوسف

لكأنّ وجهَكِ ، يا صديقةُ ، في المتاهةِ ، وجهُ أختي

ألَقٌ له ألقٌ ، ومعنىً غيرُ معنىً ، أو كلامِ

لا بُدَّ أن أمضي ، وأن أجدَ التفرُّدَ في الزِّحامِ

ولَئنْ تعثّرتِ الخُطَى ، ونسيتُ ما مَرمى سهامي

فلأنّ ما يعني الكلامُ الآنَ قد يعنيهِ صمتي

أنا يا صديقةُ متعَبٌ حتى العَياء فكيف أنتِ ؟

*

La Gare du Nord

سعدي يوسف

قبلَ أن نتحمّلَ عبءَ المحطةِ

بين الحقائبِ والسائرين إلى حتفِهِم

دونَ أن يَعْلَموا

سعدي يوسف

جوناثانُ يداوِمُ في البارِ

عند البُحيرةِ ،

مُعْتَمِراً ، مثلَ تاجٍ ، قُلُنْسُوةً بالِيةْ .

جوناثانُ امرؤٌ ، مثل ساقيةِ البارِ ، لا يتأخّرُ .

ساعتُهُ ، مثل ساعةِ بِغْ بَنْ ، مضبوطةٌ بالثواني .

وهو يوميءُ لي إذْ يراني.

*