سعدي يوسف انتهت ، قبل أيّامٍ ، المهزلة الكبرى بحقّ الثقافة العربية ، في لندن بالذات ، لندن العاصمة العظيمة للطموح الثقافي في أوربا والعالَم ..., أقولُ : اختُتِمت الجريمة بحقّ العرب وثقافتِهم ، بإغلاق تلك الشبابيك ... مقاوِلاتٌ لدى الشيخات . مقاولون لدى الشيوخِ .
محمد مظلوم هذه الصورة استعيدها الآن، عند منتصف النهار في مقبرة الغرباء في السيدة زينب/ قبل بضع ساعات من تلقي سعدي نبا وفاة ابنه حيدر، وبعد لحظات من مواراة الجواهري الثرى، وخلفنا يظهر جدار لضريح مصطفى جمال الدين الذي لم يكن مكتملاً وقتها. في السابع والعشرين من تموز 1997، رحل الجواهري.
(1) جَدّتي التتريّةُ نادراً ما منحتْني هدايا ؛ بل كانت حانقةً عليَّ شديداً لأني عُمِّدْتُ . لكنّها رقّتْ عليَّ ، قبل موتِها وأسِفَتْ ، للمرة الأولى متنهِّدةً :
سعدي يوسف تقول أنّا أخماتوفا ( 1889 - 1966 ) إن الشاعرَ شخصٌ لا يُمْكـنُكَ أن تعطـيه شيئاً ، كما لا يمكنك أن تأخذ مــنه شـيئاً ! أي أن الشاعرَ مكتفٍ بذاتِه ، قائمٌ بذاته ، ولِذاتِهِ .
سعدي يوسف لم يَحْدُثْ ، البتّةَ ، في تاريخِ الإنهياراتِ السياسية لأحزابٍ راديكاليّةٍ ، مثلُ ما حدثَ في العراق ، منذ 2003. الشيوعيّون صاروا أدلاّءَ للغزاةِ . وما سُمِّيَ " قريةً عراقيةً " يتدرّبُ فيها الغزاةُ على التعاملِ مع العراقيّين ، كان يتولّى شأنَها شيوعيّون عراقيّون . والمتدرِّبون الأوائلُ على الإعلام الإستعماريّ ، في الولايات المتحدة ، قُبَيل الاحـتلال كانوا شيوعيّين .